روائع مختارة | بنك الاستشارات | استشارات ثقافية وفكرية | إن لربك عليك حقًّا.. ولنفسك عليك حقًّا

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > بنك الاستشارات > استشارات ثقافية وفكرية > إن لربك عليك حقًّا.. ولنفسك عليك حقًّا


  إن لربك عليك حقًّا.. ولنفسك عليك حقًّا
     عدد مرات المشاهدة: 2141        عدد مرات الإرسال: 0

 السؤال.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: أشعر بالمسؤولية تجاه جميع إخواني، ودائما يلجؤون إلي في حل معظم مشاكلهم، حتى الأفراد الذين دخلوا في العائلة مؤخرا - زوجات إخواني - يلجؤون إلي، وإذا حدثت مشكلة لأحدهم أكون متوترة حتى تنتهي.

الإجابــة.. بسم الله الرحمن الرحيم.. الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد.. {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}، نعم إنه فضل الله عليك أن يجد أهلك وأقاربك وأرحامك وحتى زوجات إخوتك فيك الصدر الحنون والملجأ الذي يلجئون إليه بعد الله جل وعلا ليحلوا مشاكلهم وليستعينوا برأيك في ذلك فهذا يدل على تقديرهم واحترامهم، ويدل أيضًا على أنهم ينزلونك المنزلة الكريمة في أنفسهم وأنهم يثقون في رأيك ورجاحة عقلك، ولذل صدرنا بهذه الآية الكريمة، فهو فضل من الله جل وعلا عليك فأنت مستشارة البيت التي يرجعون إليها في حل مشاكلهم ويجدون منها الصدق والنصيحة المخلصة، ولولا أنهم لمسوا منك هذا الخلق النبيل لما حصل هذا الإقبال وهذا يا أختي يدل على فضل وخير من الله جل وعلا، بل إن عليك أن تسجدي لله شكرًا على ما أنعم عليه بهذه النعمة.

وفي نفس الوقت لا بد من إنزال الأمور منازلها، ولا بد من أن يعطى الأمر حقه، فأنت وإن كنت تشاركين أهلك في حل مشاكلهم وكذلك تعينينهم في الخروج منها إلا أنه لا بد أن يكون لك وقتك الخاص الذي تنظرين فيه في مصالحك الخاصة من تحصيل العلم النافع، ومن إجمام نفسك، ومن هدوء بالك وراحته، فإنه لا ينبغي أن يكون كل وقتك مشغولاً بحل مشاكل الأسرة دون أن يكون لك قدر من الراحة والطمأنينة، وهذا هو الذي أوقعك في هذا الأمر الذي تشعرين به الآن وهو الاضطراب والقلق من المشكلة حتى تجدي لها حلاً، وذلك لأنك تشعرين بالمسئولية المعنوية تجاه أهلك وأقاربك وتريدين أن تساعديهم، عدا أن هذا يدل على أن لديك طبيعة لطيفة رقيقة (حساسة نوعًا ما) وهذا هو الذي يؤدي إلى شيء من القلق الزائد في بعض الأحيان.

فلا بد أن تنزلي الأمور منازلها، بحيث تخصصين وقتًا لنفسك تقرئين فيه صفحات من كتاب الله عز وجل، تحفظين فيه شيئًا من سور القرآن الكريم، تشاركين في مركز للتحفيظ وتعلم التجويد أو تعلم العلم الشرعي النافع، ويكون لك أيضًا زيارات اجتماعية لأخواتك في الله وبالأسر الفاضلة، ويكون لك أيضًا فسحة لطيفة مع بعض أهلك، فلا بد أن تروحي عن نفسك، فإن المشاكل في هذه الحياة لا تنتهي وما أكثر أن تقع بين أفراد الأسرة الواحدة فإن للزوج مشاكل مع زوجته وللأخ مشاكل مع أهله وللقريب مشاكل مع قريبه، وهذا أمر كثير في العادة فلا بد إذن من إنزال الأمور منازلها.

والذي يجمع لك هذا الخير العظيم هو ما قاله سلمان الفارسي رضوان الله عليه حيث قال: (إن لربك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولزوجك عليك حقًّا، ولزورك – أي ضيفك – عليك حقًّا، فأعط كل ذي حق حقه، فقال صلوات الله وسلامه عليه: صدق سلمان) خرجه البخاري في صحيحه، وهذا المعنى ثابت ومنصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم من كلامه، فلا بد إذن من إعطاء كل ذي حق حقه، وبهذا تصلين إلى القدر السليم في هذا.

فإن قلت: فكيف لي بذلك وأنا أجد هذه المشاكل تداهمني ويتصل عليَّ أصحابها؟ فالجواب: إنه بإمكانك ألا تردي على الهاتف في بعض الأوقات التي لا بد لك أن تخلي بها في نفسك وأن تجمي خاطرك شيئًا ما، ويمكنك أن تُغلقي هاتفك في هذه الحالة.

وأيضًا فإن لك أوقاتًا لا بد أن تنظري فيها في مصالح نفسك كما أشرنا، وخير ما تقومين به هو الارتباط ببعض الأعمال النافعة التي تعود عليك بالخير والفضل كما أشرنا في أول الكلام، وبهذا يجد جميعهم أن لديك أوقات لا بد أن تقدر وأن تراعى، وهذا أمر لو أنك أحسنت تدبيره لوجدت أنك قد وصلت بإذنِ الله إلى هدوء البال والنفس.

فإن الذي عليك الآن هو ازدحام هذه المشاكل في ذهنك وشعورك بالمسئولية المعنوية تجاههم، فقد عرفت إذن السبب، مضافًا إلى ذلك شيء من القلق الذي أصابك بسبب كثرة معاناتك بهذه المشاكل ومحاولتك إيجاد الحلول لها، فبتهوينك على نفسك - على النحو الذي أشرنا إليه - تصلي إلى المستوى الطيب بإذن الله عز وجل، بل وتجدين أن لديك من القدرات الحسنة في حل هذه المشاكل وبصورة تزداد يومًا بعد يوم بإذن الله جل وعلا.

ومن هذا المعنى: أن يكون لك ممارسة لرياضة المشي مع بعض أخواتك مثلاً أو بعض أهلك فإن هذا ينفس عن مكنونات نفسك ويريحك شيئًا ما، فالمطلوب إذن أن يكون لك تنظيم لهذه الأمور حتى تجدي أنك قادرة على العطاء والبذل وأيضًا فاحتسبي هذا عند ربك جل وعلا، فقد قال تعالى: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً}.

نسأل الله عز وجل لك التوفيق والسداد وأن يشرح صدرك وأن ييسر أمرك وأن يجعلك من المصلحين الذين قال الله تعالى فيهم: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ}، من عباد الله الصالحين وأن يوفقك لما يحبه ويرضاه وأن يزيدك من فضله وأن يفتح عليك من بركاته ورحماته.

وبالله التوفيق.!

ونحن إذ نشكرك على هذه المشاعر ندعوك إلى التفاؤل المصحوب بالاجتهاد، وأنت كالمصباح، والمصباح لا يقول ما بال الدنيا مظلمة، ولكن حسب المصباح أن يقول هأنذا مضيء؛ ولأن تضيء شمعة خير من أن تلعن الظلام، فلعن الظلام سلبية، والإسلام دعوة للعمل والإيجابية، والمسلم يجعل الرسول قدوته، ويتشبه بالصحابة الأبرار، وينتفع من العلماء الأخيار، وهم موجودون في كل زمان ومكان، وسوف تجدهم إذا بحثت عنهم في مواطن الخير، فاعرف الحق تعرف أهله.

وأرجو أن يعلم الجميع أن الحضارة الغربية تعتمد بدرجة كبيرة على عقول عربية مسلمة مهاجرة، فالناس في الذكاء تقريباً متساوون كما ثبت حتى عند الغربيين، ونحن نزيد على غيرنا بصفاء عقولنا التي لا تؤثر عليها خمور ولا مخدرات، كما أننا أولى من غيرنا بتأييد الله إذا صدقنا مع الله.

ونحن بالطبع لا نفرح بحال أمتنا، ولكننا أيضاً لا نتشاءم، ونعتقد أن العلاج في العودة إلى الله، والاجتهاد في طلب العلم، وإتباعه بالعمل.

ونسأل الله أن يصلح الأحوال.
 

الكاتب: أ/ الهنداوي

المصدر: موقع إسلام ويب